على مسرح السلام قدم مسرح الشباب مسرحية ( فانتازيا الجنون ) تأليف الكاتب السورى عبد الفتاح رواس قلعة جى واخراج حمادة فتوح فى اول تجربة اخراجيه له مع البيت الفنى ،واجه العرض مشكلات عديدة مع الرقابه كان اولها طلب الرقابة حذف المشهد الاخير الذى يصور يوم القيامه وقيام الملاك اسرافيل بمحاكمة الشخصيات ولان المخرج كما يقول لم يحب ان يخوض فى الغيبيات فقد استبدل شخصية اسرافيل بشخصية الغريب او ( الضمير )ذلك الصامت فى بداية العرض والذى يحاكم الشخوص على خشبة المسرح فى النهايه وبدأ العمل بعد ان استجاب المخرج لتعليمات الرقابه التى لم تكتفى بالتوجيهات الاولى فراحت تطلب فى توجيهاتها الثانيه حذف بعض الجمل الحورايه من النص الاصلى واستبدالها بأخرى الامر الذى دعا المخرج الى قبول الحذف حتى لا يتم ايقاف العرض نهائيا ولان تلك الجمل كما يقول لن تكون عائقا امام وصول رسالته الفنيه ، وفى اطار فانتازى يمتزج بالواقعيه تناقش المسرحيه قضية السيطرة على كل ما هو متاح امام القوى العظمى والامبراطوريات الكبيرة فنرى فى بدايه العرض ذلك الجنرال الذى جاء على حصانه المجنح لغزو الدول مبررا ذلك بأنه سيمنحها الحريه والعداله والديمقراطيه ثم يدخل المهرجان الى قاعة العرض وهما هذا الرجل الحزين الضاحك الذى ينقل معاناة الفن والفنانين ومعه زوجته التى تتركه سعيا وراء الرغبة فى السيطرة على الاخرين فحين تدخل شخصية انطونيو نجدها تغير ملابسها لتصبح هى الملكه كليوباترا وتعلن ان انفها الجميل كان سببا ليرتمى قائد الامبراطورية الرومانيه تحت اقدامها وتمضى الاحداث فتترك زوجها المهرج وتبدأ بالتلاطم بين ان تبقى مع الجنرال او انطونيو حتى تدخل شخصية عمرو بن ربيعه الى الحدث المسرحى ذلك الرجل الذى اختزل العالم من حوله فى الخمر والنساء فنجد هذة المرأه تغير ملابسها لتصبح هى الثريا التى يتغزل فيها ابن ربيعه وتبدأ الشخوص فى الصراع على هذة المرأة التى تتجرد من ملابسها بشكل تعبيرى لتبقى بملابس محايدة لتعكس الرمز الذى ارادة المخرج من ان تكون هذة المرأة هى الوطن او البلد التى تحاول كل امبراطوريه من هؤلاء السيطرة عليها، وتعكس كل شخصية افكارها عن المرأة فيعلن احدهم انها مجرد بوق واخر يراها جسد يتعرى ليس اكثر بينما يرى ثالث انها مصدر قوة والهام وامام هذا الصراع لا تجد المرأة ملاذا سوى الهرب منهم ليبقى الشخوص الأربعه الذين يفاجاءون بدخول الغريب الذى يخبرهم بأنه الضمير الذى اتى ليحاكمهم ويلقى بهم الى هوة النسيان والعدم وحين يأتى الدور على المهرج يسأله ما هو ذنبه ليحاكم ؟ فتكون اجابة الضمير بأنه ترك فنه حتى اصبح باهتا وتافها ولا يتعدى سوى ان يكون ( طبلة )يضرب عليها من هم اكبر منه ليصبح هو الاخر شريكا فى الجرم ويبقى الضمير الذى يعلن انه سيتبعهم لانه اذا بقى وحيدا فمن سيحاسب ؟ وهنا تعتقد ان العرض قد انتهى الا اننا نرى الضابط يدخل من مؤخرة القاعة ويبدأ فى التعامل مع هذة الشخوص لتعتقد انك داخل قسم الشرطة ويقبض الضابط على اولئك المشاغبون الذين تخلوا عن لهجتهم العربيه وبعض ملابسهم وراحوا يتكلمون بالعاميه ويحاولون الخروج جميعا الا اننا نسمعهم يستغيثون من الضرب ثم نراهم يعودون الى قاعة العرض وهم بملابس المجانين لتتكشف الحقائق فى النهايه فكل ما حدث كان يدور فى مستشفى للأمراض العقليه ، نجح الممثلون جميعا بلا استثناء فى ادوراهم خاصة (سامح بسيونى) فى دور الجنرال الذى ساعدته ملامح وجهه وصوته الرخيم على رسم ملامح هذا الجنرال الصارم بسهوله ودقه ،( جيسى عادل)ايضا كانت اكثر من ممتازة خاصة حين تراها تتنقل بين الشخصيات الثلاث التى لعبتها ببساطة السهل الممتنع ،( حمدى طلبه)فى دور المهرج استطاع ان يرسم على وجه الجمهور الابتسام وطبع فى قلوبهم الحزن العميق بجودة عاليه ، ديكور العرض كان جيدا وان كان المخرج قد اهمل المنطقة الخلفيه للقاعه واعتمد فى حركته المسرحيه على منطقة الوسط والمقدمه لكن وجود عدد من الانابيب الفضيه الكثيرة التى لا توصل الى اى شىء استطاعت ان تنقل لنا اجواء العصر الحديث الذى نعيشه كما سمحت للمخرج باستخدامها كمصدر جديد للاضاءة التى استخدمت بشكل جيد وواعى ، اما الملابس فقد نجحت هبة طنطاوى فى اتباع منهج المخرج من مزج الفانتازيا بالواقع فجاءت الملابس بسيطه ومعبرة للغايه وتبقى الموسيقى التى كانت موفقة فى لحظات وغير موفقة فى اخرى اما اغنيتين البدايه والنهايه فكانت اطول مما ينبغى وكان من الممكن ان يتم حذفهما نهائيا خاصه ان اغنية النهايه تعبر فى كلماتها عن رساله العرض المسرحى بشكل خطابى مباشر ، لكن يبقى فى النهايه الاشادة بهذا الجهد الطيب لمسرح اوللبيت الفنى لشباب .
إلهامى سمير
إلهامى سمير